حيدر العزاوي نشيط
حالة المزاج : الـجـــنـــســـ : عدد المساهمات : 67
| موضوع: الاعين الثلاث السبت أغسطس 28, 2010 8:21 am | |
| ا لأَعْيُنُ الثَّلاث أعين الناس ثلاث: عين الرضا، وعين السُّخط، وعين القِسط. وقد ركّب الله الحَدَق في المحاجر، ووهب الإنسان قوة الإبصار، والقدرة على التمييز والاعتبار. ولكن بصر أكثر الناس تدور جارحته بما يُغشى عليه من أسداف الظلام، بين الإفراط والتفريط، وبين الغلوّ والتقصير. إن التوسّط والاعتدال يقعان بين طرفين ذميمين، فلا مندوحة للمؤمن من الاستقامة المنجية في دار البلاء ودار الجزاء. ولِعُسر الاستقامة على الصّراط وجب على كل مؤمن أن يدعو الله تعالى في كل يوم سبع عشرة مرة في الصّلوات المكتوبة: {إِهْدِنا الصِّراط المُسْتَقيم} الفاتحة 6؛ فمن جاز على الصراط في الدنيا جاز على مثل هذا الصراط في الآخرة، وصراط الدنيا أدقّ من الشَّعر، وصراط الآخرة أَحدُّ من السيف؛ والله تعالى يقول: {وإنْ مِنْكُمْ إلاَّ وارِدُها كان على ربِّك حتماً مقضيّاً. ثُمَّ نُنَجِّي الذين اتَّقوا...} مريم 71، 72. إن عين الرضا كليلة ضعيفة، لا تبصر العيوب، ولا تدرك الشّوائب، ولا ترى من الأمور إلا ما يقودها إليه هوى صاحبها وشهواته. إن الله تعالى يأمر بالقسط ولو على ذوي القربى والأرحام، يقول عز وجل: {يا أيُّها الَّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقِسْطِ شُهَداءَ لله ولو على أنفُسِكُمْ أو الوالِدَين والأقرَبين..} النساء 135، ويقول عز وجل: {وإذا قُلْتُم فاعدِلوا ولو كان ذا قُرْبى..} الأنعام 152، فلا تدفعهم دوافع الحب والشفقة، الى مجانبة العدل، ولا تُضِلّّهم العصبية عن اتّباع الحق، فالحق أحقّ أن يُتّبع. وعين السّخط خائنة زائغة، لا ترى في المغضوب عليهم، المطرودين من المودّة والرّحمة إلا المعايب والمساوئ؛ وفي خطر الخصومة على لزوم العدالة يقول ربنا عز وجل: {ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنآنُ قوْمٍ على أن لا تعْدِلوا إعْدِلوا هُوَ أقربُ للتَّقْوى} المائدة 5، فدافِع البغضاء والشَّنآن يحرّض صاحب العين على مجانبة العدل والإحسان. إن الله يقضي بأن يكون عبادُه قوّامين لله لا لأنفسهم وشهواتهم وما توسوس به شياطينهم. يقول الامام الغزالي: يجب الاحتراز عن تُهمة الأشرار، فإن الأشرار لا يظنون بالناس إلا الشّر، فمهما رأيت إنساناً يُسيء الظن بالناس طالباً للعيوب فاعلم أنه خبيث الباطن، لأن خُبثه يترشّح منه، وإنما رأى غيره من حيث هو، فإن المؤمن يطلب المعاذير، والمنافق يطلب العيوب وأما العين المقسطة فهي عين الذي خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى؛ إنها جارحة مبصرة قد وطّن صاحبها نفسه على مجانبة الهوى، فإن ترك النفس وما تهوى داؤها، ومخالفتها دواؤها؛ وكيف يتأتّى لامرئ مُتّبع لهواه أن يعدل ويُنصف، والهوى يُعمي ويُصمّ فالعين الصادقة، التي تبصر ولا تنكر، وتتجرّد ولا تجحد، هي عين القسط والاستقامة التي لا تشكو كلالة، ولا تحجبها غشاوة، ولا يصيب جوفها بقع عمياء من الأهواء، بل ترى الزَّين والشَّيْن، والحسنات والسّيئات سواءً بسواء، من غير قيل ولا مُحاباة، ولا جَور ولا مُجافاة. إن الدنيا في زماننا خُدَع، والخلق فيها بِدَع ، والناس يتداعون على الدنيا حِراصاً كالأنعام تغدو خِماصاً.. غير أنهم لا يرجعون بِطاناً فما أسعَدك لو كنت في صفاء من البصر مثل نقاء ماء المطر وما أهنأك لو عَدَلت فأمنت فنعمت بما يكافئك به الرحمن من رتبة الوُدّ في هذه الدور، ثم يجعلك الله يوم القيامة على منابر من نور، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إن المُقسِطين عند الله على منابر من نور، الذين يَعدلون في حُكمهم وأهليهم وما وَلُوا» رواه مسلم. مما راق لي | |
|