لماذا يبدو برشلونة أقوى من ريال مدريد؟ ولماذا يقدم هذا الفريق كرة ممتعة أكثر من نظيره في السنوات الأخيرة؟
يقول يوهان كرويف أحد أكثر الرجال تأثيراً داخل برشلونة في أحد المقالات المترجمة إن لدى فريقه أسلوباً خاصاً، وهذا الأسلوب لم يشترَ بالمال، ولكنه ولد في مدارس برشلونة.
أصاب كرويف، ولكنه في عجالته لم يتحدث عن كيفية ولادة هذا الأسلوب. في الحقيقة، قوة برشلونة لا تعتمد عليه وحده، ولكنها مرتبطة أيضاً بضعف خصمه ريال مدريد في الوقت ذاته. فالفريق الكاتالوني سرق الأضواء في المواسم الأخيرة التي تلت إخفاقات السنوات الخمس، لأن خصمه أيضاً توارى بسبب سوء إدارة النادي الملكي.
إدارة ريال مدريد غيَّرت 15 مدرباً منذ 1990 (أي خلال نحو عشرين عاماً) في حين أن برشلونة استخدم 5 مدربين فقط خلال الفترة ذاتها.
إدارة النادي الكاتالوني كانت تصبر على مدربيها، ولا تعاجلهم بالإقالة على الرغم من إخفاقهم وهذا ما حدث مع فرانك ريكارد، في حين أن إدارة ريال مدريد أقالت فابيو كابيلو رغم تحقيقه بطولة الدوري موسم 2006-2007 بحثاً عما أسمته “المتعة” قبل أن تعين الألماني بيرند شوستر لتقيله في منتصف الموسم، ثم خواندي راموس الذي قاد الفريق لشهور كمدرب مؤقت.
هذا الأمر تكرر أيضاً مع فيسنتي ديل بوسكي الذي حقق 7 بطولات مع الفريق خلال 4 مواسم فقط. لنتذكر، أن ريال مدريد لم يفز بأي بطولة منذ إقالة ديل بوسكي ولمدة موسمين (باستثناء السوبر الإسباني مع كارلوس كيروش) وهي الفترة التي دخل فيها الفريق في دوامة سوء النتائج والمستوى وفقد معها الكثير من متعته.
مانويل بيلجريني المدرب الجديد والذي لم يكمل 3 أشهر في منصبه، تلقى بدوره تهديدات بالإقالة وإن كان مصدرها الصحف المدريدية، وهذا المناخ ليس صالحاً بالتأكيد لعمل جهاز فني يسعى للفوز بالدوري المحلي والبطولة القارية.
على صعيد استقرار الإدارة العليا، بدَّل ريال مدريد لأسباب مختلفة نحو 6 رؤساء خلال 4 سنوات في حين أن برشلونة لم يعرف سوى الرئيس جوان لابورتا في هذه الفترة.
الأسلوب الذي تحدث عن كرويف يتقنه أبناء النادي الذين يتدرجون في الفئات الكروية، وهذا ما يميز برشلونة الذي يعتمد على 9 لاعبين على الأقل من مدرسته وهم لاعبون أساسيون في الفريق، في حين أن ريال مدريد يضم 4 لاعبين فقط بينهم غرانيرو الذي اُستغني عنه لصالح خيتافي قبل أن تدعو الحاجة لإعادة شرائه حينما بدأت صفقة زابي ألونسو بالتعثر، وعنصران آخران لا يعتمد عليهما الفريق بشكل كبير بسبب كبر سنهما وهما راؤول وغوتي، ولم يتبق سوى إيكر كاسياس الذي يعتبر العلامة المضيئة لاستقراره في الفريق.
دور المدرسة الكروية أكثر وضوحاً في برشلونة منه في ريال مدريد، والاعتماد على العناصر المحلية أكثر نجاعة خصوصاً لمن يريد تقديم “روح كاتالونيا” أو “روح مدريد” على روح اللعب المتجرد المحترف بعيداً عن تسلل السياسة إلى الرياضة كما يحدث في إسبانيا على وجه الخصوص.
إضافة إلى قلة العنصر المحلي في ريال مدريد، لا توجد سياسة واضحة في تعاقدات هذا الفريق، فعادة لا يكون للحاجة أولوية بالنسبة لإدارة النادي، والدليل أن لاعبين مثل ويسلي سنايدر وفاندر فارت ومحمد ديارا لا مكان لهم على الرغم أن تكلفة التعاقد معهم تجاوزت 64 مليون يورو.
للأموال سحر كبير، ولكنها بالتأكيد ليست سبباً وحيداً للحصول على فريق متجانس وقوي. 300 مليون يورو تقريباً كانت قيمة تعاقدات ريال مدريد هذا الموسم، ويمكن لهذا المبلغ أن يزيد مع نهاية الموسم في حال لم يحقق الفريق شيئاً يذكر. أنا لا أجزم بأن ريال مدريد لن يحقق شيئاً، ولكن إدارة الفريق بحاجة إلى شراء أسباب النجاح وبتكلفة أقل من هذا بكثير.
هناك دائماً أسباب للنجاح وأخرى للإخفاق، لا المال وحده عنصر للنجاح، ولا المدرب من يتحمل دائماً تبعات الإخفاق، والعنصر المسؤول في ريال مدريد لا يبدو أنه يدرك هذا الأمر.
الاستقرار... الحاجة والعقلانية... الهدوء... والتخطيط أهم عناصر قوة برشلونة التي يفتقدها ريال مدريد